الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين..
أما بعد:
فيا أيها الإخوة نتكلمُ في هذه الليلةِ عن موضوعِ تربية الأولادِ على الآدابِ الشرعية، وسيكونُ الكلامُ في النقاط التالية:
1- أهميةُ الموضوع.
2- مفهومُ التربية.
3- جوانبُ التربية.
4- المؤسساتُ التربوية.
5- الحثُ على تربيةِ الأولاد.
6- كيفيةُ تربية الأولاد.
7- بم يتمُ الوصولُ إلى التربية.
أولاً: أهميةُ الموضوع
التربيةُ عملٌ شاق، وجهدٍ يحتاجُ إلى وقت، وهي مهمةٌ ليست جديدة، وهي عملٌ فاضل. وتبرزُ أهميةُ الكلام في هذا الموضوع في النقاط التالية:
1- الاقتداءُ بالرسول- صلى الله عليه وسلم - والصحابة ومن بعدهم من السلف الصالح في تربية أتباعهم، وبمعرفةِ كيفيةِ تربيتهم لأتباعهم يتمُ التعرف على كيفية تربيتنا لأولادنا.
2- الوضعُ الحالي للأمة: فالناظرُ لواقعِ الأمة يجدُ وضعاً سيئاً لم يمر عليها طوالَ الأزمنةِ المتقدمة، لقد أوشكت أن تعدم كثيرٌ من المبادئِ الإسلامية في بعض البلدان الإسلامية، وبالتربية يمكنُ معالجةُ هذا الوضع.
3- بالتربية يتمُ إيجادُ الحصانة الذاتية لدى الولد، فلا يتأثرُ بما يقابلهُ من شهوات وشبهات؛ لأنَّها تقوى مراقبته لله فلا ينتهك حرمات الله إذا خلا بها، ولا يتأثرُ بالشهوات التي تزينت في هذا العصر تزيناً عظيماً فأصبحت تأتي للمسلم ولو لم يأتها، ولا بالشبهات التي قد تطرأ على عقله.
4- التربيةُ مهمة لتحمل الشدائد والمصائب، والفتن التي قد يواجهها الولد في مستقبل حياته.
5- التربية تهيئ الولد للقيام بدوره المنوط به؛ دوره لنفع نفسه ونفع مجتمعه وأمته.
6- تتبين أهميةُ التربيةِ من خلالِ وجودِ الحملةِ الشرسة، لإفسادِ المجتمعِ من قبل أعداء الإسلام، فوجودُ هذه الحملة لابد أن يُقابل بتربيةٍ للأولادِ حتى يستطيعوا دفعها عن أنفسهم ومجتمعهم.
7- التربيةُ تحققُ الأمنَ الفكري للولدِ، فتبعدهُ عن الغلو، وتحميهِ من الأفكارِ المضادةِ للإسلام، كالعلمانية وغيرها.
8- التربيةُ مهمةٌ لتقصيرِ المؤسساتِ التربويةِ الأخرى، في أداء وظيفتها التربويةِ كالمدرسة والمسجد.
9- إن وُجود بعضُ الأمراضِ التي انتشرت في الأمةِ سببهُ التقصيرُ في التربية أو إهمالها، فالسفورُ والتبرجُ والمخدرات والمعاكسات وغيرها انتشرت بسبب الإهمال في التربية أو التقصير فيها.
10- التربيةُ وسيلةٌ للوصول بالولد إلى المُثل العليا، كالإيثار والصبر وحبِّ الخير للآخرين.
ثانياً: مفهومُ التربية:
تنشئةُ المسلمِ وإعدادهُ إعداداً كاملا ًمن جميع جوانبه، لحياتي الدنيا والآخرة في ضوء الإسلام، وإن شئتَ قُل: هي الصياغةُ المتكاملةِ للفرد والمجتمع على وفقِ شرع الله.
ثالثاً: جوانبُ التربية:
للتربيةِ جوانب مختلفة، فُهناك التربيةُ الإيمانية، والتربية الخلقية، والتربية الجسمية، والتربية العقلية، والتربية النفسية، والتربيةُ الاجتماعية، والتربية الجنسيةِ وغيرها.
أي لابد أن نفهمَ أنَّ التربيةَ ليست قاصرةً على تربية الجسم فقط، وليست قاصرةً على تعريفِ الولدِ ببعض الأخلاقِ والآداب فقط، بل هي أوسعُ وأشمل من هذا.
رابعاً: المؤسساتُ التربوية:
التربيةُ ليست قاصرةً على الوالدين فقط، فهناك إلى جانبِ الأُسرةِ المدرسة، وهُناك المسجدُ، وهُناك التجمعاتُ الشبابيةِ سواءً صالحةً أم غيرَ صالحة، وهُناك وسائلُ الإعلام وغيرها، فكلُّ هذه المذكوراتِ يشارك في عملية التربية.
خامساً: الحثُّ على تربيةِ الأولاد:
لقد حثَّ الإسلامُ على تربيةِ الأولاد، ومحاولة وقايتهم من النارِ، فقال - تعالى -: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً))، وقال - تعالى -: ((وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا))، وقال - عز وجل -: ((يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ)).
ومدح عبادُ الرحمن بأنَّهم يقولون: ((رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً)).
ومن السنة يقولُ- صلى الله عليه وسلم -: ((الرجل راعٍ في أهله ومسؤولٌ عن رعيته، والمرأةُ راعيةً في بيتِ زوجها ومسؤولةٌ عن رعيتها)) البخاري ومسلم.
وفي الترمذي: ((لأن يؤدب الرجلُ ولده خيرٌ من أن يتصدق بصاع)) ضعيف. وفيه أيضاً (الترمذي): ((ما نحل والد ولدا من نحل أفضل من أدب حسن)) ضعيف وفي المسند: ((مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع)) الحديث..
وعند عبد الرزاق وسعيد بن منصور: ((علموا أولادكم وأهليكم الخير وأدبوهم)).
وحرص السلفُ على تربيةِ أبنائِهم، وكانوا يتخذون لهم المُربين المتخصصين في ذلك، وأخبارهم في ذلك كثيرة.
ولاشكَّ أنَّ للتربيةِ أثرٌ كبيرٌ في صلاحِ الأولاد؛ فالأولادُ يُولدون على الفطرةِ، ثَّم يأتي دورُ التربيةِ في المحافظةِ على هذهِ الفطرة أو حرفها: ((كلُّ مولودٍ يُولدُ على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه)). والولدُ على ما عودهُ والده.
وينشأُ ناشئُ الفتيـانِ منـَّا *** على ما كان عوَّدهُ أبـوه
ومادان الفتى بحجىً *** ولكن يعوِدهُ التدين أقربـوه
والولدُ في صغرهِ أكثرُ استقبالاً واستفادةً من التربية.
قد ينفعُ الأدبُ الأولادَ في صغرٍ *** وليس ينفعُهم من بعـده أدبُ
الغصـونُ إذا عـدلتها اعتدلت *** ولا يلينُ ولو لينتـهُ الخشب
فالولدُ الصغير أمانةً عند والديهِ إن عوداهُ الخيرَ اعتاده، وإن عوداهُ الشرَ اعتاده.
سادساً: كيفية تربية الأولاد:
1- اختيارُ الزوجةِ الصالحة، والزوج الصالح:
اختيارُ الزوجةِ الصالحة أو الزوج الصالح، هو الخطوةُ الأولى للتربية السليمة، وتَعرفون حديث: ((إذا أتاكم من ترضون دينهُ وخُلقه فزوجوه))، وحديث: ((فاظفر بذات الدين تربت يداك)).
2- الدعاءُ بأن يرزقهُ اللهُ ذريةً صالحة، وهذا قبلَ أن يُرزقَ بالأولاد: ((رب هب لي من الصالحين)).
3- التسميةُ عند الجماعِ للحديث: ((لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله، قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطانَ وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنَّهُ إن قُضي بينهما ولدٌ لم يضره ُالشيطان أبداً)).
4- ما يفعلهُ إذا رُزق بمولودٍ من مثل: الأذانُ في أذنِه وتحنيكه وحلقُ رأسه، واختيارُ الاسم الحسن له، والعقيقةُ عنهُ وختانه.
5- الدعاءُ للأولاد بالصَّلاحِ بعد وجودهم، وقد كان الأنبياءُ يهتمون بذلك، فإبراهيمُ يقول: ((وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ))، ((رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي))، ((رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً)).
ويقول زكريا: ((رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ)).
6- عدم إخافةَ الصبي بالجني والظلام و الحرامي، لاسيما عند البكاء.
7- تمكينهُ من أن يُخالط الآخرين، إذا لم يُخشى عليه منهم.
8- عدمُ إهانتهِ وتحقيرهِ خُصوصاً أمامَ أخوته وأقاربه، أو الأجانب.
9- ألا يُنادى بألفاظٍ غير طيبةٍ كـ يا غبي.
10- تنبيههُ للخطأِ برفقٍ ولين، وعدمُ معاقبته إذا أخطأ أول مرة.
11- الاعتدالُ في محبةِ الولدِ، بأن تُشعرهُ بمحبتهِ مع عدم التدليل الزائد.
12- أخذُ الاحتياطات عند قدومِ الطفل الجديد.
13- يُسمحُ للطفلِ الأكبر بمساعدةِ أمِّه في إحضارِ ملابس الطفلِ الجديد، ويُسمح له بمُداعبته حتى لا يحقدَ عليه.
14- تحقيقُ العدلِ بين الأولاد.
15- عدمُ السماحِ للابن أو البنت بلبسِ البنطلون بعد عمر السابعة تقريباً.
16- فصلُ البناتِ عن البنين كلٍّ في غرفةٍ مستقلة، أو التفريقُ في المضاجعِ إن كانوا في غرفةٍ واحدة.
17- أن يُعلمَ الاستئذانَ عند الدخولِ على والديهِ وخصوصاً في غرفةِ النوم.
18- إذا كان الولدُ ينامُ عند والديهِ فليحرصا أشدَّ الحرصِ على ألاَّ يراهُما في اتصالٍ جنسي ولو كان صغيراً.
19- لا تظهر الأمُّ أمامَ أولادها وقد أبدت عن مفاتنها، بارتداءِ ثيابٍ قصيرةٍ أو شفافة، ولا تُلبس بناتها ذلك.
20- تعويدِ الولدِ على غضِ البصر.
21- لا يرى أختهُ أو تراهُ في الحمام، ولا يدخلا الحمام جميعاً.
22- تعويدهُ على عدمِ كشفِ عورته، وعدمِ السماحِ للآخرين بمشاهدتها.
23- عدمُ السماحِ له بالدخولِ إلى النساءِ في الأعراسِ والأسواق النسائية إذا كان ذكراً.
24- لا يُسمح له بمشاهدةِ الأفلامِ والصورِ الخليعةِ والمجلاتِ الهابطة، أو قراءةَ القصص الغرامية.
أما بعد:
فيا أيها الإخوة نتكلمُ في هذه الليلةِ عن موضوعِ تربية الأولادِ على الآدابِ الشرعية، وسيكونُ الكلامُ في النقاط التالية:
1- أهميةُ الموضوع.
2- مفهومُ التربية.
3- جوانبُ التربية.
4- المؤسساتُ التربوية.
5- الحثُ على تربيةِ الأولاد.
6- كيفيةُ تربية الأولاد.
7- بم يتمُ الوصولُ إلى التربية.
أولاً: أهميةُ الموضوع
التربيةُ عملٌ شاق، وجهدٍ يحتاجُ إلى وقت، وهي مهمةٌ ليست جديدة، وهي عملٌ فاضل. وتبرزُ أهميةُ الكلام في هذا الموضوع في النقاط التالية:
1- الاقتداءُ بالرسول- صلى الله عليه وسلم - والصحابة ومن بعدهم من السلف الصالح في تربية أتباعهم، وبمعرفةِ كيفيةِ تربيتهم لأتباعهم يتمُ التعرف على كيفية تربيتنا لأولادنا.
2- الوضعُ الحالي للأمة: فالناظرُ لواقعِ الأمة يجدُ وضعاً سيئاً لم يمر عليها طوالَ الأزمنةِ المتقدمة، لقد أوشكت أن تعدم كثيرٌ من المبادئِ الإسلامية في بعض البلدان الإسلامية، وبالتربية يمكنُ معالجةُ هذا الوضع.
3- بالتربية يتمُ إيجادُ الحصانة الذاتية لدى الولد، فلا يتأثرُ بما يقابلهُ من شهوات وشبهات؛ لأنَّها تقوى مراقبته لله فلا ينتهك حرمات الله إذا خلا بها، ولا يتأثرُ بالشهوات التي تزينت في هذا العصر تزيناً عظيماً فأصبحت تأتي للمسلم ولو لم يأتها، ولا بالشبهات التي قد تطرأ على عقله.
4- التربيةُ مهمة لتحمل الشدائد والمصائب، والفتن التي قد يواجهها الولد في مستقبل حياته.
5- التربية تهيئ الولد للقيام بدوره المنوط به؛ دوره لنفع نفسه ونفع مجتمعه وأمته.
6- تتبين أهميةُ التربيةِ من خلالِ وجودِ الحملةِ الشرسة، لإفسادِ المجتمعِ من قبل أعداء الإسلام، فوجودُ هذه الحملة لابد أن يُقابل بتربيةٍ للأولادِ حتى يستطيعوا دفعها عن أنفسهم ومجتمعهم.
7- التربيةُ تحققُ الأمنَ الفكري للولدِ، فتبعدهُ عن الغلو، وتحميهِ من الأفكارِ المضادةِ للإسلام، كالعلمانية وغيرها.
8- التربيةُ مهمةٌ لتقصيرِ المؤسساتِ التربويةِ الأخرى، في أداء وظيفتها التربويةِ كالمدرسة والمسجد.
9- إن وُجود بعضُ الأمراضِ التي انتشرت في الأمةِ سببهُ التقصيرُ في التربية أو إهمالها، فالسفورُ والتبرجُ والمخدرات والمعاكسات وغيرها انتشرت بسبب الإهمال في التربية أو التقصير فيها.
10- التربيةُ وسيلةٌ للوصول بالولد إلى المُثل العليا، كالإيثار والصبر وحبِّ الخير للآخرين.
ثانياً: مفهومُ التربية:
تنشئةُ المسلمِ وإعدادهُ إعداداً كاملا ًمن جميع جوانبه، لحياتي الدنيا والآخرة في ضوء الإسلام، وإن شئتَ قُل: هي الصياغةُ المتكاملةِ للفرد والمجتمع على وفقِ شرع الله.
ثالثاً: جوانبُ التربية:
للتربيةِ جوانب مختلفة، فُهناك التربيةُ الإيمانية، والتربية الخلقية، والتربية الجسمية، والتربية العقلية، والتربية النفسية، والتربيةُ الاجتماعية، والتربية الجنسيةِ وغيرها.
أي لابد أن نفهمَ أنَّ التربيةَ ليست قاصرةً على تربية الجسم فقط، وليست قاصرةً على تعريفِ الولدِ ببعض الأخلاقِ والآداب فقط، بل هي أوسعُ وأشمل من هذا.
رابعاً: المؤسساتُ التربوية:
التربيةُ ليست قاصرةً على الوالدين فقط، فهناك إلى جانبِ الأُسرةِ المدرسة، وهُناك المسجدُ، وهُناك التجمعاتُ الشبابيةِ سواءً صالحةً أم غيرَ صالحة، وهُناك وسائلُ الإعلام وغيرها، فكلُّ هذه المذكوراتِ يشارك في عملية التربية.
خامساً: الحثُّ على تربيةِ الأولاد:
لقد حثَّ الإسلامُ على تربيةِ الأولاد، ومحاولة وقايتهم من النارِ، فقال - تعالى -: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً))، وقال - تعالى -: ((وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا))، وقال - عز وجل -: ((يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ)).
ومدح عبادُ الرحمن بأنَّهم يقولون: ((رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً)).
ومن السنة يقولُ- صلى الله عليه وسلم -: ((الرجل راعٍ في أهله ومسؤولٌ عن رعيته، والمرأةُ راعيةً في بيتِ زوجها ومسؤولةٌ عن رعيتها)) البخاري ومسلم.
وفي الترمذي: ((لأن يؤدب الرجلُ ولده خيرٌ من أن يتصدق بصاع)) ضعيف. وفيه أيضاً (الترمذي): ((ما نحل والد ولدا من نحل أفضل من أدب حسن)) ضعيف وفي المسند: ((مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع)) الحديث..
وعند عبد الرزاق وسعيد بن منصور: ((علموا أولادكم وأهليكم الخير وأدبوهم)).
وحرص السلفُ على تربيةِ أبنائِهم، وكانوا يتخذون لهم المُربين المتخصصين في ذلك، وأخبارهم في ذلك كثيرة.
ولاشكَّ أنَّ للتربيةِ أثرٌ كبيرٌ في صلاحِ الأولاد؛ فالأولادُ يُولدون على الفطرةِ، ثَّم يأتي دورُ التربيةِ في المحافظةِ على هذهِ الفطرة أو حرفها: ((كلُّ مولودٍ يُولدُ على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه)). والولدُ على ما عودهُ والده.
وينشأُ ناشئُ الفتيـانِ منـَّا *** على ما كان عوَّدهُ أبـوه
ومادان الفتى بحجىً *** ولكن يعوِدهُ التدين أقربـوه
والولدُ في صغرهِ أكثرُ استقبالاً واستفادةً من التربية.
قد ينفعُ الأدبُ الأولادَ في صغرٍ *** وليس ينفعُهم من بعـده أدبُ
الغصـونُ إذا عـدلتها اعتدلت *** ولا يلينُ ولو لينتـهُ الخشب
فالولدُ الصغير أمانةً عند والديهِ إن عوداهُ الخيرَ اعتاده، وإن عوداهُ الشرَ اعتاده.
سادساً: كيفية تربية الأولاد:
1- اختيارُ الزوجةِ الصالحة، والزوج الصالح:
اختيارُ الزوجةِ الصالحة أو الزوج الصالح، هو الخطوةُ الأولى للتربية السليمة، وتَعرفون حديث: ((إذا أتاكم من ترضون دينهُ وخُلقه فزوجوه))، وحديث: ((فاظفر بذات الدين تربت يداك)).
2- الدعاءُ بأن يرزقهُ اللهُ ذريةً صالحة، وهذا قبلَ أن يُرزقَ بالأولاد: ((رب هب لي من الصالحين)).
3- التسميةُ عند الجماعِ للحديث: ((لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله، قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطانَ وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنَّهُ إن قُضي بينهما ولدٌ لم يضره ُالشيطان أبداً)).
4- ما يفعلهُ إذا رُزق بمولودٍ من مثل: الأذانُ في أذنِه وتحنيكه وحلقُ رأسه، واختيارُ الاسم الحسن له، والعقيقةُ عنهُ وختانه.
5- الدعاءُ للأولاد بالصَّلاحِ بعد وجودهم، وقد كان الأنبياءُ يهتمون بذلك، فإبراهيمُ يقول: ((وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ))، ((رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي))، ((رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً)).
ويقول زكريا: ((رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ)).
6- عدم إخافةَ الصبي بالجني والظلام و الحرامي، لاسيما عند البكاء.
7- تمكينهُ من أن يُخالط الآخرين، إذا لم يُخشى عليه منهم.
8- عدمُ إهانتهِ وتحقيرهِ خُصوصاً أمامَ أخوته وأقاربه، أو الأجانب.
9- ألا يُنادى بألفاظٍ غير طيبةٍ كـ يا غبي.
10- تنبيههُ للخطأِ برفقٍ ولين، وعدمُ معاقبته إذا أخطأ أول مرة.
11- الاعتدالُ في محبةِ الولدِ، بأن تُشعرهُ بمحبتهِ مع عدم التدليل الزائد.
12- أخذُ الاحتياطات عند قدومِ الطفل الجديد.
13- يُسمحُ للطفلِ الأكبر بمساعدةِ أمِّه في إحضارِ ملابس الطفلِ الجديد، ويُسمح له بمُداعبته حتى لا يحقدَ عليه.
14- تحقيقُ العدلِ بين الأولاد.
15- عدمُ السماحِ للابن أو البنت بلبسِ البنطلون بعد عمر السابعة تقريباً.
16- فصلُ البناتِ عن البنين كلٍّ في غرفةٍ مستقلة، أو التفريقُ في المضاجعِ إن كانوا في غرفةٍ واحدة.
17- أن يُعلمَ الاستئذانَ عند الدخولِ على والديهِ وخصوصاً في غرفةِ النوم.
18- إذا كان الولدُ ينامُ عند والديهِ فليحرصا أشدَّ الحرصِ على ألاَّ يراهُما في اتصالٍ جنسي ولو كان صغيراً.
19- لا تظهر الأمُّ أمامَ أولادها وقد أبدت عن مفاتنها، بارتداءِ ثيابٍ قصيرةٍ أو شفافة، ولا تُلبس بناتها ذلك.
20- تعويدِ الولدِ على غضِ البصر.
21- لا يرى أختهُ أو تراهُ في الحمام، ولا يدخلا الحمام جميعاً.
22- تعويدهُ على عدمِ كشفِ عورته، وعدمِ السماحِ للآخرين بمشاهدتها.
23- عدمُ السماحِ له بالدخولِ إلى النساءِ في الأعراسِ والأسواق النسائية إذا كان ذكراً.
24- لا يُسمح له بمشاهدةِ الأفلامِ والصورِ الخليعةِ والمجلاتِ الهابطة، أو قراءةَ القصص الغرامية.